ما الذي يمكن أن يعطي المرأة القوة؟
لحل مشاكل المرأة على النطاق العالمي، يجب أن يركز صناع السياسة والمختصون في مجال التعليم على محاربة وتقليص الفقر وزيادة معدلات التعليم في البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة استخدام العنف ضد المرأة بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه المرأة في هذا العالم
في معظم المؤتمرات الدولية، خاصة تلك التي تعقد تحت رعاية الأمم المتحدة، يتم عادة إلقاء الضوء على القضايا التي تهم المرأة أولا. حضانة الأطفال، استخدام العنف ضد المرأة، المساواة بين الجنسين والحق في الملكية الشخصية هي أكثر المواضيع التي يتم نقاشها خلال هذه الاجتماعات.
يتم تداول هذه القضايا بحماس على مدى أسبوع تقريبا، وبعد ذلك غالبا ما ينسى جميع المشاركين ما قاموا بالتوقيع عليه أو وعدوا بمراجعته لدى العودة إلى بلادهم.
خلال اجتماع القمة الذي عقد في الأسبوع الماضي حول الأهداف الإنمائية للألفية في مدينة نيويورك، كان تحقيق تقدم رئيسي في مجال حقوق المرأة أحد أهم القضايا التي تمت مناقشتها بين حوالي 40 من قادة دول العالم الذين اجتمعوا لحضور القمة في نيويورك. وضع هؤلاء القادة على سلم أولوياتهم ضرورة الاتفاق على تحقيق تطور في قضايا المرأة من قبل جميع الموقعين على الاتفاقية بحلول عام 2015. وإذا كان للتاريخ أن يكون حكما، فإن علينا أن نتوقع أن نفس المشاكل التي تمت مناقشتها في هذه المرة أيضا ستبقى على جدول أعمال قمة العام القادم.
البيان التاريخي الهام الذي تبنته الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1948 يؤكد أن "جميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق" وأن "كل فرد له الحق في جميع هذه الحقوق والحريات... دون تمييز من أي نوع، مثل: العرق، اللون، الجنس، اللغة، أو الدين... الولادة أو أي وضع آخر." وعندما بدأت الحركة النسائية العالمية تكتسب زخما خلال سبعينات القرن العشرين، كرست الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 كعام المرأة الدولي، وعقدت أول مؤتمر دولي حول المرأة في مدينة مكسيكو سيتي. وبناء على طلب المؤتمر، تمت الموافقة على جعل السنوات بين 1976-1985 تمثل عقد الأمم المتحدة للمرأة. المؤتمر العالمي الثاني حول المرأة عقد في العاصمة الدانمركية كوبنهاجن عام 1980، وبعد خمس سنوات عقد مؤتمر دولي ثالث عن المرأة في نيروبي لاستعراض ما تم تحقيقه في عقد الأمم المتحدة للمرأة. بعد ذلك عُقد مؤتمر رابع للمرأة في بكين عام 1995 وبعدها عقد مؤتمر بكين 5 في نيويورك، وهكذا توالت المؤتمرات وعقدت عدة اجتماعات ومؤتمرات أخرى للتعبير عن أهمية حقوق المرأة. ولكن لسوء الحظ، لم تتمكن أي من هذه الاجتماعات والمؤتمرات من تحقيق أمور ملموسة على أرض الواقع.
نيكول كيدمان، سفيرة النوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للمرأة، هي المتحدثة باسم حملة "قولوا لا – اتحدوا لمنع العنف ضد المرأة". ولكن كيف يمكن لمشهد تلفزيوني جميل تظهر فيه نجمة هوليود الحسناء نيكول كيدمان أن يساعد مثلا النساء في رواندا اللاتي عانين كثيرا بسبب جرائم الإبادة الجماعية وتعرضن للاغتصاب خلال الحرب الأهلية الوحشية التي مرت بها رواندا؟ إن الواقع على الأرض بالنسبة للنساء منفصل وبعيد جدا عما يتم تداوله في قاعات وأروقة المؤتمرات الدولية في جنيف ونيويورك ومشاهد الفيديو الحلوة التي تظهر فيها نجمات هوليود الجميلات. عندما نتحدث عن استخدام العنف ضد المرأة فإننا نشير إلى الأعداد التي لا تحصى من الفتيات القاصرات اللاتي يجبرهن أهاليهن على قبول زواج تم إعداده وترتيبه دون موافقتهن. وعندما نتحدث عن تجارة الجنس فإننا نشير إلى العائلات التي يجبرها الفقر المدقع على بيع بناتها من أجل الحصول على رغيف الخبز. هل علينا أن نصدق أن رسائل نيكول كيدمان ستصل في الواقع إلى أذن فتاة تم إحضارها إلى دبي مثلا وحبست في ملجأ وأجبرت على بيع جسدها، وهل ستقنع هذه الرسائل الفتاة على أن تقول لا في حالة استلمت هذه الرسائل؟
إن الرسائل اللطيفة التي ينقلها المشاهير ويطلبون فيها مساعدة ضحايا العنف لا تترجم عادة إلى مساعدات حقيقية على الأرض للناس الذين يحتاجون المساعدة فعلا. لكن التعليم وبرامج التنمية التي تجبر العائلات مثلا على إرسال البنات إلى المدرسة تضع هذه الفتيات في النهاية على الطريق الصحيح نحو فهم معنى المساواة بين الجنسين، كما تزودهن بالقوة اللازمة للوقوف والدفاع عن حقوقهن. إن الفتيات اللاتي قد يتعرض مستقبلهن للتشويه والدمار بسبب إجبارهن على الدعارة أو استخدام المخدرات يمكن أن يسلكن طريقا مختلفا إذا وفرت الدول التمويل اللازم لهن للحصول على فرص التعليم أو برامج لتوفير فرص العمل.
لحل مشاكل المرأة على النطاق العالمي، يجب أن يركز صناع السياسة والمختصون في مجال التعليم على محاربة وتقليص الفقر وزيادة معدلات التعليم في البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة استخدام العنف ضد المرأة. بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه المرأة في هذا العالم، فإن التعليم والاستقلال المادي هما العاملان الرئيسيان اللذان يساعدانها على فهم حقوقها بشكل أفضل، ويعطيانها القوة للمطالبة بهذه الحقوق. هذا النوع من التمكين يمكن أن يقود إلى تغييرات هامة ويحقق الأهداف التي يقول قادة العالم إنهم يريدون تحقيقها بحلول عام 2015.
جريدة الوطن
لحل مشاكل المرأة على النطاق العالمي، يجب أن يركز صناع السياسة والمختصون في مجال التعليم على محاربة وتقليص الفقر وزيادة معدلات التعليم في البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة استخدام العنف ضد المرأة بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه المرأة في هذا العالم
في معظم المؤتمرات الدولية، خاصة تلك التي تعقد تحت رعاية الأمم المتحدة، يتم عادة إلقاء الضوء على القضايا التي تهم المرأة أولا. حضانة الأطفال، استخدام العنف ضد المرأة، المساواة بين الجنسين والحق في الملكية الشخصية هي أكثر المواضيع التي يتم نقاشها خلال هذه الاجتماعات.
يتم تداول هذه القضايا بحماس على مدى أسبوع تقريبا، وبعد ذلك غالبا ما ينسى جميع المشاركين ما قاموا بالتوقيع عليه أو وعدوا بمراجعته لدى العودة إلى بلادهم.
خلال اجتماع القمة الذي عقد في الأسبوع الماضي حول الأهداف الإنمائية للألفية في مدينة نيويورك، كان تحقيق تقدم رئيسي في مجال حقوق المرأة أحد أهم القضايا التي تمت مناقشتها بين حوالي 40 من قادة دول العالم الذين اجتمعوا لحضور القمة في نيويورك. وضع هؤلاء القادة على سلم أولوياتهم ضرورة الاتفاق على تحقيق تطور في قضايا المرأة من قبل جميع الموقعين على الاتفاقية بحلول عام 2015. وإذا كان للتاريخ أن يكون حكما، فإن علينا أن نتوقع أن نفس المشاكل التي تمت مناقشتها في هذه المرة أيضا ستبقى على جدول أعمال قمة العام القادم.
البيان التاريخي الهام الذي تبنته الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1948 يؤكد أن "جميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق" وأن "كل فرد له الحق في جميع هذه الحقوق والحريات... دون تمييز من أي نوع، مثل: العرق، اللون، الجنس، اللغة، أو الدين... الولادة أو أي وضع آخر." وعندما بدأت الحركة النسائية العالمية تكتسب زخما خلال سبعينات القرن العشرين، كرست الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 كعام المرأة الدولي، وعقدت أول مؤتمر دولي حول المرأة في مدينة مكسيكو سيتي. وبناء على طلب المؤتمر، تمت الموافقة على جعل السنوات بين 1976-1985 تمثل عقد الأمم المتحدة للمرأة. المؤتمر العالمي الثاني حول المرأة عقد في العاصمة الدانمركية كوبنهاجن عام 1980، وبعد خمس سنوات عقد مؤتمر دولي ثالث عن المرأة في نيروبي لاستعراض ما تم تحقيقه في عقد الأمم المتحدة للمرأة. بعد ذلك عُقد مؤتمر رابع للمرأة في بكين عام 1995 وبعدها عقد مؤتمر بكين 5 في نيويورك، وهكذا توالت المؤتمرات وعقدت عدة اجتماعات ومؤتمرات أخرى للتعبير عن أهمية حقوق المرأة. ولكن لسوء الحظ، لم تتمكن أي من هذه الاجتماعات والمؤتمرات من تحقيق أمور ملموسة على أرض الواقع.
نيكول كيدمان، سفيرة النوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للمرأة، هي المتحدثة باسم حملة "قولوا لا – اتحدوا لمنع العنف ضد المرأة". ولكن كيف يمكن لمشهد تلفزيوني جميل تظهر فيه نجمة هوليود الحسناء نيكول كيدمان أن يساعد مثلا النساء في رواندا اللاتي عانين كثيرا بسبب جرائم الإبادة الجماعية وتعرضن للاغتصاب خلال الحرب الأهلية الوحشية التي مرت بها رواندا؟ إن الواقع على الأرض بالنسبة للنساء منفصل وبعيد جدا عما يتم تداوله في قاعات وأروقة المؤتمرات الدولية في جنيف ونيويورك ومشاهد الفيديو الحلوة التي تظهر فيها نجمات هوليود الجميلات. عندما نتحدث عن استخدام العنف ضد المرأة فإننا نشير إلى الأعداد التي لا تحصى من الفتيات القاصرات اللاتي يجبرهن أهاليهن على قبول زواج تم إعداده وترتيبه دون موافقتهن. وعندما نتحدث عن تجارة الجنس فإننا نشير إلى العائلات التي يجبرها الفقر المدقع على بيع بناتها من أجل الحصول على رغيف الخبز. هل علينا أن نصدق أن رسائل نيكول كيدمان ستصل في الواقع إلى أذن فتاة تم إحضارها إلى دبي مثلا وحبست في ملجأ وأجبرت على بيع جسدها، وهل ستقنع هذه الرسائل الفتاة على أن تقول لا في حالة استلمت هذه الرسائل؟
إن الرسائل اللطيفة التي ينقلها المشاهير ويطلبون فيها مساعدة ضحايا العنف لا تترجم عادة إلى مساعدات حقيقية على الأرض للناس الذين يحتاجون المساعدة فعلا. لكن التعليم وبرامج التنمية التي تجبر العائلات مثلا على إرسال البنات إلى المدرسة تضع هذه الفتيات في النهاية على الطريق الصحيح نحو فهم معنى المساواة بين الجنسين، كما تزودهن بالقوة اللازمة للوقوف والدفاع عن حقوقهن. إن الفتيات اللاتي قد يتعرض مستقبلهن للتشويه والدمار بسبب إجبارهن على الدعارة أو استخدام المخدرات يمكن أن يسلكن طريقا مختلفا إذا وفرت الدول التمويل اللازم لهن للحصول على فرص التعليم أو برامج لتوفير فرص العمل.
لحل مشاكل المرأة على النطاق العالمي، يجب أن يركز صناع السياسة والمختصون في مجال التعليم على محاربة وتقليص الفقر وزيادة معدلات التعليم في البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة استخدام العنف ضد المرأة. بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه المرأة في هذا العالم، فإن التعليم والاستقلال المادي هما العاملان الرئيسيان اللذان يساعدانها على فهم حقوقها بشكل أفضل، ويعطيانها القوة للمطالبة بهذه الحقوق. هذا النوع من التمكين يمكن أن يقود إلى تغييرات هامة ويحقق الأهداف التي يقول قادة العالم إنهم يريدون تحقيقها بحلول عام 2015.
جريدة الوطن